خطبه قصيره عن التسامح

خطبه قصيره عن التسامح، إن التسامح والعفو هي صفة من صفات الله عز وجل، فهو الذي يعفو عن عبده إن أذنب، فلولا رحمته وعفوه عن عباده لهلك جميع العباد بذنوبهم، وكانت هذه أخلاق الأنبياء، والمرسلين، العفو والتسامح والمودة، والتأليف بين القلوب، ونشر المودة بين الناس، والعفو عند المقدرة، ، فكانت رسالتهم تتسم بالتسامح، فقد تعرض الأنبياء وهم أشرف خلق الله للأذى، ورغم ذلك كان التسامح والعفو من أخلاقهم التي عاملوا الناس بها، فالتسامح والصفح يولد المحبة ويؤلف بين قلوب العباد، وينتصر على النفس السوء، ويقضي على وسوسة الشيطان في الصدور، ومن أهم الخطب التي يلقيها الخطباء هي تلك التي تتحدث عن التسامح، لما فيها من عظات، ومواقف مر بها الأنبياء والصحابة فكانت شيمتهم فيها التسامح، وهذه المقالة ستتحدث عن خطبه قصيره عن التسامح.

خطبه قصيره عن التسامح

خطبه قصيره عن التسامح
خطبه قصيره عن التسامح

نضع بين أيديكم خطبة قصيرة عن التسامح والعفو، فقد أمرنا الله بالتحلي بصفة التسامح، والإعراض عن رد الإساءة، وهذا نص الخطبة:

(( الحمد لله ناصر الأنبياء، ومعز عباده المؤمنين، المتسامحين، الحمد لله حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه، الحمد لله كما ينبغي لجلال وجهه، وعظيم سلطانه، والصلاة والسلام على أشرف خلقه سيد الأنبياء والمرسلين، محمد ابن عبد الله، صلوات الله وسلامه عليه، أما بعد:

أيها المتحابون في الله، العافون عن الناس، والمتسامحون فيما بينكم، أوصيكم وأوصي نفسي بتقوى الله أولاً، والهدي بهدي أنبياءه المرسلين ثانياً، بأن تعفوا وتصفحوا، وتنشروا التسامح فيما بينكم، ولا تكونوا من القوم الظالمين، وذلك امتثالاً لقوله عز وجل “فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ” ، إخواني في الله إن التسامح صفة من صفات الله عز وجل والتي أمرنا في كتابه العزيز بالتحلي بها، فقال عز وجل في سورة الحجر يحثنا على الصفح والتسامح ووصف الصفح بالجميل: ” وَإِنَّ السَّاعَةَ لَآتِيَةٌ فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ ” ، وقوله عز وجل : ” فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ” ، فالتسامح شيمة من شيم عباد الله الصالحين، المحسنين، وهو هدي الأنبياء والمرسلين، وسبيل لنيل مرضاة الله عز وجل، وطريق للانتصار على الشيطان، والابتعاد عن سبيله، لما في ذلك من تأليف بين القلوب، ونشر للمحبة بين الناس، فليتنا جميعاً ننتصر على الشيطان بالتحلي بصفة العفو والتسامح فيما بيننا، كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم عندما جاء رجل وشتم أبا بكر رضي الله عنه وهو جالس، فتبسم النبي ولكن أبا بكر رد عليه فأغضب بذلك النبي، فعن أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَجُلاَ شَتَمَ أَبَا بَكْرٍ، وَالنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم جَالِسٌ، فَجَعَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَعْجَبُ وَيَتَبَسَّمُ، فَلَمَّا أَكْثَرَ رَدَّ عَلَيْهِ بَعْضَ قَوْلِهِ، فَغَضِبَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَقَامَ، فَلَحِقَهُ أَبُو بَكْرٍ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ؛ كَانَ يَشْتُمُنِي وَأَنْتَ جَالِسٌ، فَلَمَّا رَدَدْتُ عَلَيْهِ بَعْضَ قَوْلِهِ غَضِبْتَ وَقُمْتَ؟ قَالَ: ( إِنَّهُ كَانَ مَعَكَ مَلَكٌ يَرُدُّ عَنْكَ، فَلَمَّا رَدَدْتَ عَلَيْهِ بَعْضَ قَوْلِهِ وَقَعَ الشَّيْطَانُ، فَلَمْ أَكُنْ لأَقْعُدَ مَعَ الشَّيْطَانِ)، ثم قَالَ: (يَا أَبَا بَكْرٍ، ثَلاَثٌ كُلُّهُنَّ حَقٌّ؛ مَا مِنْ عَبْدٍ ظُلِمَ بِمَظْلَمَةٍ فَيُغْضِي عَنْهَا لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ إِلاَّ أَعَزَّ اللَّهُ بِهَا نَصْرَهُ، وَمَا فَتَحَ رَجُلٌ بَابَ عَطِيَّةٍ يُرِيدُ بِهَا صِلَةً إِلاَّ زَادَهُ اللَّهُ بِهَا كَثْرَةً، وَمَا فَتَحَ رَجُلٌ بَابَ مَسْأَلَةٍ يُرِيدُ بِهَا كَثْرَةً إِلاَّ زَادَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِهَا قِلَّةً )، ومن حديث النبي صلى الله عليه وسلم تتبين لنا مكانة المتسامح عند الله عز وجل بأن من تغاضى، وتسامح في مظلمة له أعزه الله وأعلى من شأنه بها، إخواني في الله فللنشر المحبة فيما بيننا، بالتغاضي والتسامح، والصفح عن الناس لنيل مرضاة الله عز وجل، ومغفرته، ورحمته، ولنتبع هدي الأنبياء والمرسلين لنكون من القوم المحسنين.

اللهم إنا نسألك العفو والعافية في الدنيا والآخرة، اللهم إنا نسألك العفو والعافية في ديننا ودنيانا وأهلينا، ومالنا وأنفسنا، اللهم استر عوراتنا، وآمن روعاتنا، اللهم احفظنا من بين أيدينا، ومن خلفنا، وعن أيماننا، وعن شمائلنا، ومن فوقنا، ونعوذ بعظمتك أن نغتال من تحتنا.

إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا، أقم الصلاة إن الصلاة تنهى عن الفحشاء و المنكر))

آيات قرآنية عن التسامح والعفو

آيات قرآنية عن التسامح والعفو
آيات قرآنية عن التسامح والعفو

لقد حثنا الله عز وجل في كتابه العزيز، على العفو والتسامح، واجتناب رد الإساءة، فإنه من تقوى الله العفو عن الناس، والإعراض عن رد الإساءة، وهذه بعض الآيات القرانية التي تحثنا على التحلي بصفة العفو والتسامح:

  • قال تعالى “وَإِنْ تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ” التغابن14
  • قال تعالى: “فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ” الشورى40
  • قال تعالى: “وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ” آل عمران 134
  • قال تعالى: “وأن تعفوا أقرب للتقوى ولا تنسوا الفضل بينكم إن الله بما تعملون بصير”
  • قال تعالى: “دْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ * وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ” فصلت34،35
  • قال تعالى: “وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنكُمْ وَالسَّعَةِ أَن يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَىٰ وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّـهِ ۖ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا ۗ أَلَا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّـهُ لَكُمْ ۗ وَاللَّـهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ” النور22
  • قال تعالى: “وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ” الشورى37

أحاديث نبوية عن التسامح والعفو

أحاديث نبوية عن التسامح والعفو
أحاديث نبوية عن التسامح والعفو

لقد كانت من شيم النبي صلى الله عليه وسلم، العفو والصفح، وتجنب رد الإساءة، وهنا نضع بين أيديكم بعض الأحاديث الشريفة التي تحثنا على التحلي بالصبر والعفو والتسامح:

  • عن ابن عباس قال: قال صلى الله عليه و سلم : ( اسْمَحْ يُسْمَحْ لكَ). أخرجه الإمام أحمد
  • عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال: ( مكتوبٌ في الإنجيلِ : لا فَظٌّ ، و لا غليظٌ ، و لا سَخَّابٌ بالأسواقِ ، و لا يَجزي بالسِّيئةِ مثلَها ، بل يَعْفو و يصفَحُ).
  • عن معقل بن يسار قال: قال صلى الله عليه و سلم : ( أفضلُ الإيمانِ الصَّبرُ و السَّماحةُ).
  • عن أنس رضي الله عنه قال: (كان غلام يهودي يخدم النبي صلى الله عليه وسلم فمرض فأتاه يعوده، فقعد عند رأسه فقال له: أسلم، فنظر إلى أبيه وهو عنده، فقال: أطع أبا القاسم. فأسلم، فخرج النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقول: الحمد لله الذي أنقذه من النار) رواه البخاري
  • عن عبد الله بن عمر رضي الله عنه قال: (جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله كم نعفو عن الخادم؟ فصمت، ثم أعاد عليه الكلام فصمت، فلما كان في الثالثة قال: اعفوا عنه في كل يوم سبعين مرة) رواه أبو داود وصححه الألباني.
  • عن عقبة بن عامر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: (يا عُقبة! صِلْ مَن قطعك، وأعطِ مَن حرمَك، واعفُ عمَّنْ ظلمَك) رواه أحمد وصححه الألباني
  • يقول أنس رضي الله عنه (خدمتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم عشر سنين، والله ما سبَّني سبة قط، ولا قال لي أف قط، ولا قال لي لشيء فعلته: لم فعلته، ولا لشيء لم أفعله: ألا فعلته) رواه أحمد.

لقد وضعنا بين أيديكم خطبه قصيره عن التسامح، وأتبعنا ذلك ببعض الآيات القرآنية، والأحاديث الشريفة التي تحدثت عن التسامح والعفو، علنا ننتفع بهذا العلم وننفع غيرنا.

Scroll to Top