هل يقتل الأب بابنه، هل يقتص من الأب إذا قتل ابنه، وماذا يقول الشرع في قتل الأب لابنه، وما هو رأي المذاهب الأربعة في تطبيق الحكم الشرعي وحكم القصاص على من يقتل ابنه، قال تعالى: “وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ۗ وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلَا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ ۖ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُوراً”، فما جزاء من قتل ابنه عمداً، يعد السؤال السابق من الأسئلة الدينية التي إختلف عليها الكثيرين في الحكم الشرعي.
هل يقتل الأب بابنه

ما هو الحكم الشرعي في قتل الأب لابنه، ورد في الكتب التفسيرية وصحيح البخاري وبعض الأحاديث النبوية أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- قال: عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: “لَا تُقَامُ الْحُدُودُ فِي الْمَسَاجِدِ وَلَا يُقْتَلُ الْوَالِدُ بِالْوَلَد”، ومن هنا فقد أجمعت الحنفية والشافعية على أن الأب لا يقام عليه حكم القصاص في قتله لابنه، ولكن إختلف كثير من العلماء في صحة الحديث السابق ،وضعفه كثير من أهل العلم بإعتبار أن سند الحديث غير مكتمل وعليه فإن الحديث ضعيف ولا يؤخذ به ومنهم: علي بن المديني والترمذي وابن القطان وعبد الحق الأشبيلي، وأحمد شاكر، وحسنه شعيب الأرنؤوط، حيث إتفق جميعهم على الأخذ بالآيات القرآنية التي جاءت في تطبيق حكم القصاص ممن يقتل إنسان برئ عمداً وذلك دون وضع إعتبارات للأب والأم أو وجود إستثناءات، قال تعالى: “وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيماً”.
ما هو الحكم الشرعي فيمن يقتل ابنه

بعض المذاهب كانت قد أخذت بقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: “لا يقاد الوالد بولده”، أي لا يقام حد القصاص على من قتل ابنه، ولا يزال هناك إختلاف في آراء الفقهاء على الحكم الشرعي فيمن يتقل ابنه، حيث أنه من الأحاديث الواردة في كتب التفسير عن قصص الصحابة: عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال : “قتل رجل ابنه عمدا، فرفع إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فجعل عليه مائة من الإبل ثلاثين حقة وثلاثين جذعه وأربعين ثنية، وقال لا يرث القاتل، ولولا أنى سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: “لا يقتل والد بولده) لقتلتك”، مما يدلل على أن من يقتل ابنه لا يتم قتله وإنما عليه دفع دية، فقالت الحنابلة إن الوالد الذي يقتل ابنه يجب قتله كما قال الشرع لأن ليس له الحق في إزهاق روح مسلمة مهما كانت صلة القرابة، وأما المذهب المالكي فقد أخذ بقول الله تعالى: “مِنْ أَجْلِ ذَٰلِكَ كَتَبْنَا عَلَىٰ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا ۚ وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا بِالْبَيِّنَاتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ بَعْدَ ذَٰلِكَ فِي الْأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ”، وإن من قتل ابنه بغير حق فيجب قيام حد القصاص عليه، ويذهب غالبية العلماء والفقهاء للأخذ بهذا الرأي حيث أنه لو كانت هناك إستثناءات في قتل الإنسان البرئ لبينها الله تعالى في كتابه الكريم.