هل يجوز الجمع والقصر للمسافر في منزله قبل السفر؟، ديننا الإسلامي دين يُسر وليس عُسر، فقد شرع الكثير من الأمور التي تُسهل على المسلم القيام بأداء فرائض الله عز وجل، فمن ضمن تلك التسهيلات التي سهلها الله تعالى على عباده هو شروع الجمع والقصر للمسافر، حتى إذا نوى المسافر الجَمع بين الصلوات، فعليه الجمع بين صلاتَي الظهر والعصر معاً، والمغرب والعشاء معاً؛ فيؤدي صلاة الظهر مع العصر في وقت الظهر، وهذا ما يُسمّى بـ (جَمع تقديم)، أو أن يؤدي صلاة الظهر والعصر في وقت العصر، فإن ذلك يُسمّى بـ (جَمعَ تأخير)، نفس الشيء إن أراد الشخص الجمع بين صلاتَي المغرب والعشاء، فإمّا أن يُقدِّم صلاة المغرب والعشاء في وقت المغرب، أو أن يُؤخّر فيُصلّي المغرب والعشاء في وَقت العِشاء، بشرط مراعاة الترتيب في الأَحوال المَذكورة جميعاً.
أمّا بالنسبة إلى قصر الصلاة في السفر فهي بأن يُصلّي الظهر ركعتَين بدلاً من أربع، وكذلك العصر، والعشاء، كما أنه لا يجوز القصر في كلّاً من صلاتَي المغرب، والفجر؛ لذلك على الشخص عليه أن يُصلّي المغرب ثلاثاً، والفجر اثنتَين.
هل يجوز الجمع والقصر للمسافر في منزله قبل السفر؟

يتسائل الكثير من الناس حول حكم الجمع والقصر في الصلاة للمسافر في منزله قبل السفر، فإن الجمع والقصر في السفر يعتبر من الرخص المشروعة، فإن الله تعالى يحب أن يقدم رخصه لعباده كما يحب أن تؤتى عزائمه، أما بالنسبة إلى حكم الجمع والقصر للمسافر في منزله قبل سفره فقد جائت كما يلي:
- لا يجوز قصر الصلاة للمسافر إلا إذا بدأ في السفر فعلاً، ولا يكفي مجرد نية السفر، أو العزم عليه؛ والدليل على ذلك قول الله تعالى: “وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَقْصُرُواْ مِنَ الصَّلاَةِ” [النساء:101]، فبذلك يكون جواز القصر يأتي بشرط الضرب في الأرض، وهو السير فيها.
- كما قال ابن قدامة في المغني: بما معناه أنه ليس لمن نوى السفر القصر حتى يخرج من بيوت قريته، ويجعلها وراء ظهره, كما أجمع على ذلك جماعة من التابعين.
- استناداً على ذلك, فإنه لا يجوز للشخص قصر صلاة الظهر والعصر قبل السفر, ولو كان الوصول إلى المكان المقصود بعد صلاة المغرب أو قبلها, بينما يجوز للشخص القصر في الصلاة إذا بدأ في السفر وجاوز كل بيوت القرية التي أراد السفر منها, ولو سافرت بعد دخول وقت الظهر.
حكمة ومشروعية الجمع والقصر للمسافر

لقد شرع الله -عز وجل- للمسافر القصرُ، والجمع في الصلاة؛ وذلك ترغيباً للعبد في أداء الفرائض، وتخفيفاً عنه، وتسهيلاً له في أداء حقٍّ من حقوق الله، فبذلك يُقبل العبد على أداءِ فرائض الله تعالى وهو مُرتاحٌ غيرُ نافر، وفيؤديها دون تقصير، أو إهمال، ودون مَشقّة تحصل فتكون السبب في ترك الفريضة.
فهناك عدد من الصحابة -رضوان الله عليهم- أثناء سفرهم مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان منهم مَن يقصر الصلاة، ومنهم من يؤديها كاملة، ولم يَعِب أحدٌ على أحدٍ فِعله، كما جاء الدليل على ذلك في صحيح مسلم، وغيره، ففي السفر يُعذَر المُكلَّفون، ويُرفَع الحرج عنهم في بعض أحكام التكليف.
فإن الجواز في قصر الصلاة مشروع للمسافر فقط، فإن الدليل على مشروعية قصر الصلاة جاء عند قول الله تعالى: (وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ)، أما الدليل على مشروعية جمع الصلاة هو ما رواه ابن عباس -رضي الله عنه-، عندما قال: (جمعَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ بينَ الظُّهرِ والعصرِ والمغربِ والعشاءِ بالمدينةِ من غيرِ خوفٍ ولا مطرٍ).
متى يجوز جمع وقصر الصلاة للمسافر

لقد أجمع الحنابلة على أنّ ترك الجمع في السفر أفضل من الإتيان به؛ كما رأوا أنه غير مُستحَبّ عندهم، وكما أكد على ذلك الشافعيّة؛ فهم يرون أنّ ترك الجمع أفضل من الإتيان به، بعكس ذلك القصر في الصلاة؛ فالأفضل الإتيان به، كما يرون المالكية أنّ أداء كلّ صلاة في وقتها أفضل من الجمع، أما بالنسبة إلى جمع وقصر الصلاة للمسافر فيوجد هناك العديد من الشروط التي تشرع الجمع في السفر، لذلك لا بُدّ للسفر المُبيح أن يتوفر به مجموعة الشروط التالية، وهي كالآتي:
- يجب أن يمضي في سفره ويجدّ فيه، وهذا الشرط هو المشهور عند الإمام مالك.
- يجب أن تكون المسافة المقطوعة في السفر ممّا يُبيح القصر.
- يجب أن يكون سفراً مُباحاً، أو سفراً لطاعة، والسفر أنواع، ومنه ما يلي:
- السفر المُباح: وهو الذي يشمل كلّ أمر مُباح شرعاً.
- لسفر الواجب: مثل السفر لأداء فريضة الحجّ، أو الجهاد الواجب.
- السفر المُحرَّم: وهو الذي يقصد فيه المسافر فِعل ما حرَّمه الله، كقطع الطريق، والاتِّجار في المُحرَّمات، وغيرها من المحرمات.
- السفر المُستحَبّ: مثل السفر لأداء عمرة التطوُّع، أو أداء عبادة.
- السفر المكروه: مثل سفر الشخص وحيداً بلا رِفقة إلّا إذا اضطرَّ إلى ذلك.
إلى هنا نكون قد تعرفنا على إجابة السؤال: هل يجوز الجمع والقصر للمسافر في منزله قبل السفر؟، حيث كانت الاجابة أنه لا يجوز قصر الصلاة للمسافر إلا إذا بدأ في السفر فعلاً، ولا يكفي مجرد نية السفر، أما بالنسبة إلى حكم ومشروعية الجمع والقصر للمسافر فقد شرع الله تعالي له ذلك، فإن الجواز في قصر الصلاة مشروع للمسافر فقط.