تفسير الم ترى كيف فعل ربك بعاد، إن كلمات الأية الكريمة {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ (6) إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ (7) الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلَادِ (8)} [الفجر] {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ} :إنما هي دعوة من الله سبحانه و تعالى لأن نتأمل و نتفكر و نأخذ العظى و العبرة من الأمم السابقة و ماذا حل بها و إلى أين صارت و آلت حضارتهم اليوم
تفسير الآية الكريمة الم ترى كيف فعل ربك بعاد

أصاب الغرور قوم عاد بما وهبهم الل من قوة و مهارة في العمارة و البنيان التي لم يملكها أحد سواهم من الأقوام الاخرى، و أخذتهم العزة بذلك، وتعالوا في تصرفاتهم و كأنهم هم من منحوا أنفسهم ما هم عليه، ووصل بهم الأمر ان يتصوروا أن بنيانهم و قوتهم تستطيع أن تمنع عقاب الله و عذابه، فأرسل الله تعالى عليهم ريحاً أهلكتهم جميعاً، بقيت مسلطة عليهم سبع ليالً و ثمانية أيام، لم يبقى بعد ذلك أي فرد منهم.
الحقيقة المطلقة للآية الكريمة

قال السعدي في تفسيره: ( {ألم تر كيف فعل ربك بعاد} ) وهؤلاء كانوا متمردين عتاة جبارين ، خارجين عن طاعته مكذبين لرسله ، جاحدين لكتبه . فذكر تعالى كيف أهلكهم ودمرهم ، وجعلهم أحاديث وعبرا ، فقال : ( { ألم تر كيف فعل ربك بعاد إرم ذات العماد} ) وهؤلاء عاد الأولى ، وهم أولاد عاد بن إرم بن عوص بن سام بن نوح ، قاله ابن إسحاق وهم الذين بعث الله فيهم رسوله هودا ، عليه السلام ، فكذبوه وخالفوه ، فأنجاه الله من بين أظهرهم ومن آمن معه منهم ، وأهلكهم بريح صرصر عاتية ، ( سخرها عليهم سبع ليال وثمانية أيام حسوما فترى القوم فيها صرعى كأنهم أعجاز نخل خاوية فهل ترى لهم من باقية ) [ الحاقة : 7 ، 8 ] وقد ذكر الله قصتهم في القرآن في غير ما موضع ، ليعتبر بمصرعهم المؤمنون.
و جاء أيضاً في تفسير السعدي الم ترى كيف فعل ربك بعاد

فقوله تعالى : {إرم ذات العماد } عطف بيان ; زيادة تعريف بهم . وقوله : ( ذات العماد ) لأنهم كانوا يسكنون بيوت الشعر التي ترفع بالأعمدة الشداد ، وقد كانوا أشد الناس في زمانهم خلقة وأقواهم بطشا ، ولهذا ذكرهم هود بتلك النعمة وأرشدهم إلى أن يستعملوها في طاعة ربهم الذي خلقهم ، فقال : ( {واذكروا إذ جعلكم خلفاء من بعد قوم نوح وزادكم في الخلق بسطة فاذكروا آلاء الله لعلكم تفلحون } ) [ الأعراف : 69 ] . وقال تعالى : ( {فأما عاد فاستكبروا في الأرض بغير الحق وقالوا من أشد منا قوة أولم يروا أن الله الذي خلقهم هو أشد منهم قوة } ) [ فصلت : 15 ] ، وقال هاهنا : ( {التي لم يخلق مثلها في البلاد} ) أي : القبيلة التي لم يخلق مثلها في بلادهم ، لقوتهم وشدتهم وعظم تركيبهم .
و إلى هنا نأتي إلى نهاية مقالنا سألين الله أن يعمر قلبنا بالخضوع و الخشوع لعظمته و قدرته و أن لا يعتلي الغرور أياً من أفعالنا.