سبب الازمة الروسية الاوكرانية، تشهد روسيا توترًا مستمرًا ونزاعًا متواصلًا مع جراتها أوكرانيا ومحيطها منذ ما يقارب الثماني سنوات، وقد نشبت خلال هذه الفترة حربين، مرة بين البلدين روسيا وأوكرانيا، ومرة بين روسيا ومعسكر الغرب الذي يدعم كييف، ثم تبايبنت الآراء السياسية والعسكرية للمهتمين بهذه القضية وهذا الصراع، فمنهم من يشير إلى حتمية اندلاع حرب ثالثة بين البلدي، وأنه أمرُ لا مفرَّ منه ولو بعد حين، في حين يرى البعض الآخر أنه اختيار مستبعد وليس بالضرورة أن يحدث، وربما غير مطروح بين أطراف النزاع من الأساس، وعلى مدار السنوات، تعاظمت احتماليات وقوع الحرب بين البلدين، وتم إشعال أكثر من شرارة قد تولّد حربًا حارقة، نتيجة لارتفاع وزيادة الأزمات والتوترات، ومع التصعيدات الأخيرة الحاصلة في هذه القضية، وانتشار الحديث عنها بشكل كبير، يبحث الكثير من الناس حول سبب الازمة الروسية الاوكرانية.
التوترات بين روسيا وأوكرانيا

شهدت الفترة الأخيرة نزاعًا مستمرًا بين روسيا وأوكرانيا، وتعاظمت الأزمات وكثُرت التوترات الرئيسية والفرعية بين البلدين، نذكر بعضًا منها فيما يلي:
1. القرم
بدأت الأزمة الروسية الاوكرانية عندما قامت روسيا بالسيطرة على القرم في شهر مارس/آذار عام 2014م، كما وأكد كييف على أنه سيقوم باستعادة شبه الجزيرة بكل الوسائل، وقد ارتبطت بالقرم عدة أزمات فرعية، منها:
=عدم اعتراف معظم دول العالم بانضمام القرم إلى روسيا، وفرض عقوبات كبيرة على موسكو بسبب انتهاك سيادة أوكرانيا واحتلال أراضيها.
=اتهام موسكو بعسكرة أراضي شبه جزيرة القرم، الأمر الذي يهدد أمن أوكرانيا والدول المجاورة لها من أوروبا
=اتهام موسكو بقطع قناة الشمال التي تمثّل شريان المياه العذبة للسكان، والتي تلبي حوال 85% من حاجاتهم، وبالتالي فقد أدى ذلك إلى شح المياه، وبالتالي تطور عدة أزمات على أراضيها.
2. حرب الدونباس
اندلعت في أوكرانيا حرب منذ عام 2014م، في إقليم دونباس شرقًا، بين القوات الأوكرانية والانفصاليين الموالين لروسيا، وربما تُشكّل هذه الحرب شرارة لاندلاع حرب أوسع بين طرفي الصراع روسيا وأوكرانيا في المستقبل، وفي هذا السياق، يصر كييف على أن موسكو تُشكّل طرفًا في النزاع وليست وسيطًا في عملية المفاوضات، لرفضها تقديم التنازلات للانفصاليين قبل السيطرة الكاملة على الحدود الشرقية مع روسيا، ومما قد يلعب دورًا في هذا السيناريو هو قيام كييف بالتحويل للاعتماد على طائرات تركية مُسيَّرة في الوقت الذي يُشاع فيه الحديث عن تكرار سيناريو تحرير إقليم قرة باغ التابع لأذربيجان في دونباس.
حماية الرعايا

كان اضطهاد الروس هو الذريعة الأولى لروسيا لدخول القرم وفرض سيطرتها عليها ودعم النفصاليين الموالين لروسيا في دونباس، وهو ما يُشكّل ذريعة لقيام حروب أخرى من قبل روسيا في مناطق أخرى من أوكرانيا، حيث منحت روسيا جنسيتها لسكان القرم، ولأعداد كبيرة من الانفصاليين في دونباس، وقد انتقدت قانون “الشعوب الأصلية” المعمول به في أوكرانيا، لأنه لم يشمل الروس، مُعتبرةً ذلك القانون قانون عنصري صادر عن سلطات فاشية، فيما تقوم أوكرانيا برفع شعار حماية الرعايا، برغم ضعف قدرتها على حمايتهم، والفارق الكبير في القوة بينها وبين روسيا.
نوايا التوسع والبحر الأسود

تحذر أوكرانيا من النوايا التوسعية لروسيا في كل تصعيد تشهده المنطقة، كما وتشاركها في التخوفات التوسعية دول البلطيق ( إستونيا، لاتفيا، وليتوانا)، حيث تخشى جميعها السعي المتواصل من قبل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين نحو استعادة مجد الاتحاد السوفييتي السابق، لاسيما وأن الرئيس الروسي يعتبر انهيار الاتحاد السوفييتي هو أكبر مآسي القرن العشرين، وقد كثُر الحديث في روسيا في عام 2014م عن حتمية قيام ما عُرف ب”روسيا الجديدة”، وهي التي تشمل عدة مناطق أخرى من أوكرانيا والتي تنطق باللغة الروسية، وتقع تحت سيطرة الانفصاليين، مثل دونيتسك ولوغانسك، بالإضافة إلى اوديسا وزابورجيا وسومي وخاركيف وخيرسون.
كما وتُعتبر منطقة البحر الأسود من أكثر المناطق التي يسيطر عليها التوتر الأمني، باعتباره ساحة واسعة للمناورات، بحيث لا تمتلك روسيا السيطرة على كامل أجزائه، لذلك يُعتبر من أبرز نقا ضعف روسيا، وقد تندلع منه شرارة الحرب.
ومن الجدير بالذكر أن أوكرانيا لا تزال تطالب الدول الحلفاء والولايات المتحدة الأمريكية بتقدي الدعم العسكري النوعي والأسلحة الفتّاكة، وقد استطاعت الحصول على سواريخ أمريكية مضادة للدروع، وقامت بتطوير صواريخ نيبتون المضادة للسفن، كذلك فقد قامت بشراء طائرات مُسيَّرة من تركيا.