هل إسرائيل في حلف الناتو، تصاعدت وتيرة الأحداث في الآونة الأخيرة بين روسيا وأوكرانيا، وازدادت حدة الصراع الساسي والعسكري بين البلدين، حيث أعلنت روسيا برئاسة فلاديمير بوتين في صباح الأمس الخميس قيامها بحملة عسكرية في الأراضي الأوكرانية، مما عمل على زيادة الاهتمام العالمي بهذه الأزمة، حيث يشكّل هذا التوتر تهديدًا على الأمن العالمي، والدول الأوروبية بشكل خاص، وتدخلت العديد من الدول والمنظمات العالمية والحقوقية من أجل محاولة وقف هذا الصراع، ومنع العملية العسكرية ضد أوكرانيا، ومن هذه المنظمات منظمة الناتو، التي كثر البحث عنها في الآونة الأخيرة بعد تطور الأزمة الروسية الأوكرانية، لمعرفة الدول الوسيطة في هذه الحرب، وقد كثرت الأسئلة المتعلقة بالناتو، ومنها، هل إسرائيل في حلف الناتو.
حلف الناتو ويكيبيديا

منظمة حلف الناتو أو حلف شمال الأطلسي، وهو منظمة عسكرية عالمية تأسست في عام 1949م، نتيجةً لمعاهدة شمال الأطلسي التي وُقِّع عليها الرابع من أبريل/نيسان عام 1949م، في العاصمة الأمريكية واشنطن، ويعتبر حلف الناتو نظام يهدف إلى الدفاع الجماعي بحيث تتفق الدول الأعضاء فيه على الدفاع المتبادل بينها ضد أي هجوم من قبل أي عدوان خارجي، وهنالك ثلاث دول من دول الناتو تشكّل أعضاء دائمين في مجلس الأمن الدولي، وهم الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة المتحدة البريطانية وفرنسا، وعليه فإن هذه الدول تتمتع بحق الفيتو، كما أن هذه الدول هي الدول التي تحوز على الأسلحة النووية رسميًا، والمقر الرئيسي لحلف الناتو يقع في هارين، في العاصمة البلجيكية بروكسل، بينما يقع مقر عمليات قيادة حلف الناتو قريبًا من مونس في بلجيكا.
علاقة إسرائيل بحلف الناتو

اعتمدت إسرائيل على حلف الناتو، من خلال علاقاتها مع دول الغرب، في تثبيت دعائمها في الوسط السياسي، حتى كادت إسرائيل أن تصبح عضوًا في منظمة حلف الناتو في عام 1950م، لكن منع حدوث هذا الأمر تخوّفات الولايات المتحدة الأمريكية من أن تلجأ الدول العربية في التسلح بالقوة إلى الكتلة السوفيتيه، ويشمل ذلك السلاح النووي، بهدف إحباط السياسة الإسرائيلية.
غير أن الاهتمام الإسرائيلي بمنظمة حلف الناتو يعود إلى خمسينات القرن الماضي، بعد حرب السويس التي شُنت ضد جمهورية مصر العربية، والتي عُرفت باسم العدوان الثلاثي على مصر في عام 1965م، بمبادرة من إسرائيل، التي تلقت الدعم والمساندة من بريطانيا وفرنسا، وقد حاولت في ذلك الوقت أن تضمن توفر الدعم الكامل والدائم من جهة الغرب لحماية أمنها القومي والحفاظ على الوجود الإسرائيلي وفقًا لرؤيتهم.
علاقة إسرائيل بحلف الناتو

يوجد الكثير من الأمور التي تشترك فيها إسرائيل مع دول حلف الناتو، لكن في واقع الأمر فإن إسرائيل ليست متعطشة للانضمام إلى الحلف، برغم الدعم الشديد من قبل ديفيد بن غوريون، وهو رئيس الوزراء الأول لاسرائيل لهذه الفكرة في الفترة التي ترأس فيها الحكومة الإسرائيلية، على اعتبار أن هذه الخطوة سوف تعمل على تعزيز الأمن الإسرائيلي في مواجهة الدول العربية.
غير أن إسرائيل لا تنظر إلى المنظمات الدولية بنظرة إيجابية، لأنها تعلم أن كفة الميزان في هذه المنظمات ترجح لصالح الأغلبية من الدول العربية والإسلامية، بينما في سياق الحديث عن الناتو، فلا يتواجد مثل هذا التوازن، لأن الكفة ترجح لصالح الإسرائيليين، حيث أن أغلب الأعضاء التي يتكون منها الحلف هي دول غير عربية، وجميعها فيما عدا تركيا هي دول غير إسلامية، بل مسيحية، وكلها مؤيدة لإسرائيل وحليفة للولايات المتحدة الأمريكية.
لماذا لا تنضم إسرائيل لحلف الناتو

يعد أمر انضمام إسرائيل إلى الاتحاد الأوروبي في غاية الصعوبة، من جهة لأنها دولة ليست أوروبية، ومن جهة أخرى لأن انضمام إسرائيل للاتحاد الأوروبي قد يفتح الباب أمام رغبة ومطالبة الدول الأخرى بالانضمام إلى الاتحاد، ومع أن فرص إسرائيل في الانضمام إلى حلف الناتو أكبر بكثير من فرصها في الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، إلا أنها غير متحمسة لفكرة الانضمام إلى الحلف، ويرجع السبب في هذا إلى اعتبارين أساسيين، الأول هو أن حلف الناتو وبعض الدول الأعضاء فيه لا يحبذون الانضمام الإسرائيلي للحلف في رؤية أن هذا سيضر بمصلحة الحلف، مثل الولايات المتحدة الأمريكية التي اعتبرت أن انضمام إسرائيل لحلف الناتو سيشكل تهديدًا بإيصال رسالة سلبية للدول العربية تفيد بأون الولايات المتحدة ودول الغرب داعمون لإسرائيل، ما يؤدي إلى لجوء الدول العربية للاتحاد السوفيتي للتسلح بالقوة، وهو ما يعمل على إفقاد الولايات المتحدة كثيرًا من الأوراق الرباحة في محاولاتها لاحتواء الاتحاد السوفيتي في منطقة الشرق الأوسط خلال فترة من الحرب الباردة، وكذلك الحال مع الكثير من الدول الأعضاء في حلف الناتو التي تخشى من انضمام إسرائيل للحلف وتعارض هذه الفكرة.
بينما يتمثل الاعتار الثاني في أن اسرائيل تعتبر انضمامها للحلف يحد من فلسفتها العسكرية التي تقوم على الاستمرار في مواجهة الدول المجاورة التي تشكّل تهديدًا لأمن إسرائيل من وجهة نظرها.
وتجدر الإشارة إلى أن عضوية إسرائيل في حلف الناتو ستقيّد حركتها في توجيه الضربات العسكرية للدول المجاورة مثل لبنان، فلسطين، أو حتى المفاعلات النووية في إيران، وكذلك أي جهة أخرى قد تشكّل تهديدًا للأمن الإسرائيلي في المنطقة، في الوقت الذي تعتمد فيه إسرائيل على التحرك الفردي في الوقت الذي تريده، ولا ترغب في أن يكون هنالك عوامل مُقيِّدة لهذا التحرك، وعليه فإن الانضمام لحلف الناتو لا يصب في مصلحة إسرائيل ولا في مصلحة دول حلف الناتو كذلك.