ماذا يحدث في ليلة الاسراء والمعراج، اقتربت ذكرى حادثة الإسراء والمعراج التي وقعت مع النبي صلى الله عليه وسلم خلال سيرته النبوية، حيث تأتي في السابع والعشرين من شهر رجب من كل عام هجري، ولهذه الحادثة أهمية كبيرة في حياة النبي صلى الله عليه وسلم وفي الترايخ الإسلامي، حيث تعد رحلة الإسراء والمعراج ثاني أكبر معجزة أيّد الله سبحانه وتعالى بها النبي محمد صلى الله عليه وسلّم وصدّق من خلالها على صدق نبوته، بعد معجزة القرآن الكريم الخالدة، وكانت هذه الرحلة نقطة تحول في تاريخ الدعوة الإسلامية، حيث ثبُت على الدين الإسلامي بعد رواية الحادثة من قبل النبي عليه والصلاة والسلام أقوياء الإيمان فقط، وارتد عن الإسلام حينئذٍ ضعاف الإيمان، حيث من الصعب تصديق ما حصل مع النبي عليه الصلاة والسلام خلال الرحلة إلا لقلبٍ مؤمنٍ قوي، فالحاجثة تفوق خيال أي عقل بشري، ومع اقتراب يوم ذكرى الإسراء والمعراج، نجد الكثير من المسلمين بل جُل المسلمين يبحثون في تفاصيل هذه الرحلة، ويطرحون الأسئلة المختلفة المتعلقة بها، والتي من بينها، ماذا يحدث في ليلة الاسراء والمعراج.
ما هي حادثة الإسراء والمعراج

وقعت خادثة الإسراء والمعراج في السابع والعشرين من شهر رجب في السنة الثانية عشرة للبعثة، وقد وقعت بعد رفض أهل الطائف لدعوة الرسول صلى الله عليه وسلم إلى الإسلام، فأيّد الله سبحانه وتعالى نبيّه الكريم بهذه الرحلة، وثبّت بها قلبه، وتنقسم الحادثة إلى رحلتين، الأولى هي رحلة الإسراء، حيث أُسري بالنبي صلى الله عليه وسلم ليلًا من المسجد الحرام في مكة المكرمة إلى المسجد الأقصى في القدس الشريف، بصحبة جبريل عليه السلام، على ظهر دابة تسمى البراق، وهي دابّة تشبه سائر الدواب، يتوسّط حجمها ما بين حجم البغل والحمار، ثم عُرج بعد ذلك بالنبي إلى السماوات العلا، وهو ما ذكره الله تعالى في كتابه العزيز في أول آية من سورة الظغسراء، حيث قال تعالى:
(سُبحانَ الَّذي أَسرى بِعَبدِهِ لَيلًا مِنَ المَسجِدِ الحَرامِ إِلَى المَسجِدِ الأَقصَى الَّذي بارَكنا حَولَهُ لِنُرِيَهُ مِن آياتِنا إِنَّهُ هُوَ السَّميعُ البَصيرُ).
أحداث رحلة الإسراء والمعراج

بدأت رحلة الإسراء والمعراج عندما أُسري بالنبي عليه أفضل الصلاة والسلام من المسجد الحرام في مكة المكرمة، إلى المسجد الأقصى في القدس، على ظهر دابة البراق، برفقة الملك جبريل عليه السلام ليلًا، فلما وصلا المسجد الأقصى ربط النبي صلى الله عليه وسلم الدابة في حلقة من حلقات المسجد كي لا تفلت، وفي هذا إشارة إلى أهمية التوكل، ثمّ دخل النبي عليه اصللاة والسلام المسجد، وأمَّ بالأنبياء، ثمّ صعد الدابة مرة أخرى برفقة جبريل عليه السلام، وصعد به إلى السماء الدنيا، فاستفتحها له جبريل عليه السلام، ففُتحت ليرى بها أبو الأنبياء آدم عليه السلام، ثمّ صعد إلى السماء الثانية فرأى فيها النبي يحيى والنبي عيسى بن مريم عليهم السلام، وصعد إلى اسماء الثالثة فوجد نبي الله يوسف عليه السلام، وارتقى إلى الرابعة ليجد إدريس عليه السلام، ثمّ انتقل إلى السماء الخامسة حيث يوجد هارون عليه السلام، ثمّ إلى السادسة فوجد موسى عليه السلام، وأخيرًا إلى السماء السابعة فوجد فيها إبراهيم عليه السلام، وكان النبي صلى الله عليه وسلم في كل سماء يتم الترحيب به والإقرار بنبوته من قبل النبي الموجود في السماء، ثمّ عرج جبريل عليه السلام بالنبي صلى الله عليه السلام ليصل إلى سدرة المنتهى، ومن سدرة المنتهى إلى الله سبحانه وتعالى، ففرض عليه عز وجل وعلى أمته خمسون صلاة، فعاد بها النبي صلى الله عليه وسلم ظغلى النبي موسى، وأخبره بما فرضه الله تعالى عليه بعد سؤال موسى، فطلب منه أن يعود إلى الله تعالى ويطلب منه التخفيف عن أمته، فعاد فخففها إلى أربعين، وظل يكرّر ذلك حتى وصلت إلى خمس صلوات مفروضة على المسلمين في اليوم والليلة.
موقف القوم من حادثة الإسراء والمعراج

روى النبي صلى الله عليه وسلم أنه خلال الرحلة عًرض عليه الخمر واللبن، فأخذ النبي اللبن، وشاهد أربعة أنهار، منهما اثنان ظاهران واثنان باطنان، فأما الظاهران فكانا نهري دجلة والفرات، الأمر الذي يدل على انتشار الدعوة الإسلامية، كما رأى النبي عليه الصلاة والسلام الجنة والنار، وخازن النار، ورأى الذين يُعذَّبون في النار ممكن يأكلون أموال اليتيم بغير حق، والمتعاملين بالرِّبا، ومُرتكبي الزِّنا، ورأى أصناف العذاب لكل منهم، ثمّ عاد النبي صلى الله عليه وسلم إلى مكة المكرمة قبل بزوغ الفجر، فلما طلع الصبح، أخبر قوم بما حدث، لكنهم عارضوا روايته وكذّبوه، وطلبوا منه أن يثبت صدق قوله بأن يصف لهم بيت المقدس، فوصفه لهم وصفًا غاية في الدقة، فأثار ذلك استغرابهم، ومع ذلك فما زادهم إلا كفرًا وعنادًا، وما صدّق حينها إلا أبي بكر رضي الله عنه، الذي سمي بالصدّيق نسبةً إلى تصديقه حادثة الإسراء والمعراج.
وقد أكرم الله عز وجل نبيّه بهذه الحادثة تخفيفًا لآلامه وأحزانه بعد الأذى الذي حلّ به من قومه، كما كان فيها إعلاء لشأن النبي صلى الله عليه وسلم وتعظيمًا له، كما كانت من أجل أيناس النبي عليه الصلاة والسلام والترويح عنه، وبيان منزلته عند الله سبحانه وتعالى، حيث بدأ النبي بعد هذه الرحلة مرحلة جديدة في الدعوة الإسلامية، كما كان في هذه المعجزة العظيمة للنبي إعلامًا له بالآيات العظيمة عند الله سبحانه وتعالى، حيث قال جلّ وعلا في ذِكره لحادثة الإسراء: “لِنُرِيَهُ مِنْ آياتِنا”، كما قال تعالى في كتابه العزيز في حديثه عن رحلة المعراج: (لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى).