هل الصيام بعد نصف شعبان حرام، مما لا شك أننا نحرص دائمًا وأبدًا على الالتزام بما أمرنا به الله سبحانه وتعالى وإتباع سنه رسوله محمد صلى الله عليه وسلم، وبالتالي الابتعاد عن المعاصي والمحرمات الصغيرة قبل الكبيرة حتى لا نغضب رب العالمين، ولهذا السبب يقوم أبناء الأمة الإسلامية على وجه الخصوص بالسؤال ذوي العلم والاختصاص حول المسائل الدينية التي لا يعرفون حكمها الشرعي، بما في ذلك هل الصيام بعد نصف شعبان حرام، فمن الجدير بالذكر أننا سوف نتحدث من خلال السطور القليلة القادمة حول هل الصيام بعد نصف شعبان حرام.
هل الصيام بعد نصف شعبان حرام

شهر شعبان هو الشهر المبارك الذي له مكانة عظيمة عند الرسول محمد بن عبد الله عليه أفضل الصلاة والسلام، وكذلك عند الأمة الإسلامية بأكملها، ففيه ترفع الأعمال إلى الخالق عز وجل وتتضاعف الحسنات لمن يتقرب إلى الله بالطاعات والعبادات المتنوعة كالصيام على سبيل المثال، حيث أن رسول الله كان يصوم أغلب أيام شهر شعبان وليس كلها، فعلى سبيل المثال: صيام يوم بعد يوم من شعبان أو صيام كل اثنين وخميس أو صيام الأيام البيض الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر، وهكذا، أما فيما يتعلق بصيام النصف الثاني من هذا الشهر الفضيل، فهو على النحو الآتي:
يَقُولُ النّبِيّ ﷺ : إذَا انْتَصَفَ شَعْبَانُ فَلَا تَصُومُوا ، وَهُو حديثٌ صحيحٌ ، فَاَلَّذِي مَا صَامَ أَوَّلَ الشَّهْرِ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَصُومَ بَعْدَ النِّصْفِ ؛ لِهَذَا الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ ، وَهَكَذَا لَوْ صَامَ آخِرِ الشَّهْرِ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ مِنْ بَابِ أَوْلَى ؛ لِقَوْلِه ﷺ : لَا تُقَدِّمُوا رَمَضَانَ بِصَوْمِ يومٍ وَلَا يَوْمَيْنِ إلَّا رجلٌ كَانَ يَصُومُ صومًا فَلْيَصُمْه ، الَّذِي لَهُ عادةٌ لَا بَأْسَ ، إذَا كَانَتْ عَادَتُهُ أَنْ يَصُومَ الِاثْنَيْنِ وَالْخَمِيسِ فَلَا بَأْسَ أَنْ يَصُومَ ، أَو عَادَتُهُ أَنْ يَصُومَ يومًا ويُفطر يومًا لَا بَأْسَ ، إمَّا أَنْ يَبْتَدِئَ الصِّيَامِ بَعْدَ النِّصْفِ مِنْ أَجْلِ شَعْبَان ؛ هَذَا لَا يَجُوزُ ، أَمَّا لَوْ صَامَ بدءًا مِنْ أَرْبَعَةِ عَشَرَ ، أَوْ مِنْ خَمْسَةَ عَشَرَ ، أَوْ مِنْ ثَلَاثَةِ عَشَرَ ، أَو … فَلَا بَأْسَ ؛ لِأَنَّه أَكْثَرُه ، إذَا صَامَ كُلُّهُ أَوْ أَكْثَرُهُ فَلَا بَأْسَ ، أَمَّا كَوْنُهُ يُفطر النِّصْفِ الْأَوَّلِ ثُمَّ يَبْتَدِئُ هَذَا هُوَ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ . .
هل يجوز صيام النصف الثاني من شعبان

هناك مقولة تقول: “اختلاف العلماء رحمة للأمة”، حيث أن أئمة وشيوخ المذاهب الفقهية الأربعة، والتي تتمثل في: المذهب الشافعي والمالكي والحنفي والحنبلي، اختلفوا في مسألة حكم صيام النصف الأخير من شهر شعبان الفضيل، لذلك أحضرنا لكم في النقاط التالية مختلف الآراء، إلى جانب الرأي الراجح، وهو على النحو التالي:
- الرأي الأول: النهي عن صيام النصف الأخير من شعبان، حيث استدلوا عليه من حديث عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( إِذَا انْتَصَفَ شَعْبَانُ فَلا تَصُومُوا ).
- الرأي الثاني: يجوز صيام النصف الثاني لما رواه أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( لا تَقَدَّمُوا رَمَضَانَ بِصَوْمِ يَوْمٍ وَلا يَوْمَيْنِ إِلا رَجُلٌ كَانَ يَصُومُ صَوْمًا فَلْيَصُمْهُ ).
- الرأي الثالث: أن صيام النصف الأخير مكروه وفقًا لقول النبيّ -عليه أفضل الصلاة والسلام: ( إذا انتصف شعبانُ، فلا تصوموا حتى يكونُ رمضانُ).
- الرأي الرابع: الرأي الراجح هو أَنَّه يُنهى عَنْ الصِّيَامِ فِي النِّصْفِ الثَّانِي مِنْ شَعْبَانَ أَمَّا عَلَى سَبِيلِ الْكَرَاهَةِ أَوْ التَّحْرِيمِ، إلَّا لِمَنْ لَهُ عَادَةٌ بِالصِّيَام، أَوْ وَصَلَ الصِّيَام بِمَا قَبْلَ النِّصْفِ، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَم.
لم يبقى سوى أيام قليلة وينتهي شهر شعبان الفضيل ليهل علينا هلال شهر رمضان المبارك، فكل عام وأنتم وأهليكم والأمة العربية والإسلامية بألف خير، هل الصيام بعد نصف شعبان حرام.