هل يجوز إمامة المرأة للرجال، هنالك العديد من المسائل الدينية والفقهية التي تتطلب بيان الحكم الشرعي فيها لدى المسلمين، وتُستَمَد الأحكام الشرعية من مصادر التشريع الإسلامي الأساسية، وهي القرآن الريم والسنة النبوية، ثمّ الرأي والاجتهاد، وتعد مسألة إمامة النساء في الصلاة من أهم المسائل التي تتطلب بيانًا وتوضيحًا في الدين الإسلامي، حيث يختلف في أحكامها جمهور وعامة الناس، خاصة في هذه الأيام المباركة، التي تكثر فيها صلوات العبادة وفيام الليل، وبخاصة صلاة التراويح، لذلك فقد شاع السؤال في الآونة الأخيرة عن هل يجوز إمامة المرأة للرجال.
إمامة المرأة في الصلاة

أن تكون المرأة إمامًا في الصلاة أو القدوة بالصلاة في المرأة يعني أن تكون المرأة إمامًا لمن خلفها في الصلاة، وتختص الإمامة في صلاة الجماعة حسب رأي غالبية العلماء بالرجل فقط دون المرأة، فيصلي خلف الرجل الرججال أو النساء أو كلاهما معًا، بشرط تأخر النساء إلى الصفوف التي خلف الرجال في حال صلاة الرجال والنساء جماعة، كما أن المرأة لا تخطب في الناس، ولا يُسمح لها برفع صوتها في الأذان، لكن يمكن للمرأة أن تكون إمامًا بالنساء، وقد ثبت ذلك من خلال السنة النبوية المطهرة، كما ثبت عن أم المؤمنين عائشة بنتي أبي بكر وأم المؤمنين أم سلمة رضي الله عنهما.
إمامة المرأة للرجال في الصلاة

بحسب جمهور العلماء فإنه لا يجوز للمرأة أن تؤم بالرجال في الصلاة، بما فيها صلاة الجمعة، كما لا يجوز لها أن تخطب فيهم خطبة الجمعة، ولا يجوز أن يصلي الرجال خلف امرأة، أو أن ستمعوا إلى خطبة امرأة، كما لا يجوز لجماعة من الناس تأدية صلاة الجمعة في حال لم يحضرهن رجال تصح بهم صلاة الجمعة، وإذا قمن بفعل ذلك فإنه لا تصح لهن الصلاة ولا الجمعة، و وجب عليهن قضاء الصلاة ظهرًا، و وجب على من صلّى خلف النساء من الرجال إعادة صلاته، وهو الحكم المتفق عليه من قبل غاللبية العلماء والأئمة، ومنهم: أبي حنيفة، مالك، الشافعي، أحمد بن حنبل، وغيرهم.
جواز إمامة المرأة بالرجل

ذهبت ثلة قليلة من العلماء إلى جواز إمامة المرأة بالرجال في صلوات النوافل، بشرط أن تكون المرأة أقرأ من الرجل، أو أن تكون المرأة من محارم الرجال المأمومين، كما أن المرأة في هذه الحالة تقف خلف الرجال لأنه أستر لها، ويمكنهم أن يأتموا بها وتكون صلاتهم صحيحة.
في الحين الذي رأى فيه البعض الآخر من العلماء مثل الطبري والمزني وأبي ثور جواز الإمامة المطلقة للنساء بالرجال في الصلاة، وتستثنى من ذلك خطبة الجمعة وصلاة الجمعة.
أمينة ودود في إمامة الصلاة

قامت أمينة ودود في الولايات المتحدة الامريكية بإمامة الرجال والنساء في الصلاة في إحدى الكنائس، بعدما قامت المساجد برفضها كإمام للجنسين، ولاقى فعلها بإمامة الرجال والنساء استهجان العلماء في مختلف الأقطار والدول الإسلامية.
الأدلة على عدم جواز إمامة النساء بالرجال في الصلاة

نهى الله سبحانه وتعالى المؤمنين عن أن يتمنى بعضهم الامور التي فضّل الله سبحانه وتعالى به غيرهم، كأن تتمنى النساء بعض الأفضال التي خصّ الله عز جل بها الرجال، أو العكس، لأن ذلك فيه اعتراض على تشريع الله سبحانه وتعالى وحكمه، كما أن هذا التمنى لمجرد التمني يعتبر الحسد بعينه، ويقتضي السخط على أقدار الله سبحانه، وقد خصّ الله سبحانه وتعالى الرجال بالعبادات التي تحتاج قوةً وجهدًا، مثل الجهاد أو ولاية مثل الإمامة، ولا مدخل للنساء في هذه الأمور، ومن الأدلة الواردة في ذلك ما يلي:
- قال الله تعالى في ىالآية 34 من سورة النسا : (الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ) .
وفي ذلك قَالَ الشَّافِعِيُّ في كتاب الأم: “وَإِذَا صَلَّتْ الْمَرْأَةُ بِرِجَالٍ وَنِسَاءٍ وَصِبْيَانٍ ذُكُورٍ فَصَلاةُ النِّسَاءِ مُجْزِئَةٌ وَصَلاةُ الرِّجَالِ وَالصِّبْيَانِ الذُّكُورِ غَيْرُ مُجْزِئَةٍ؛ لأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ جَعَلَ الرِّجَالَ قَوَّامِينَ عَلَى النِّسَاءِ وَقَصَرَهُنَّ عَنْ أَنْ يَكُنَّ أَوْلِيَاءَ، وَلا يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ امْرَأَةٌ إمَامَ رَجُلٍ فِي صَلاةٍ بِحَالٍ أَبَدًا”. - قال تعالى في الآية 228 من سورة البقرة: (وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ).
وفي تفسيرها قال السعدي رحمه الله: “وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ ” أي: رفعة ورياسة، وزيادة حق عليها، كما قال تعالى: (الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ)، ومنصب النبوة والقضاء، والإمامة الصغرى والكبرى، وسائر الولايات مختص بالرجال” - عَنْ أَبِي بَكْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (لَنْ يُفْلِحَ قَوْمٌ وَلَّوْا أَمْرَهُمْ امْرَأَةً). رواه البخاري.
وتدل جميع هذه النصوص من القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة بحسب رأي غالبية العلماء على أنه لا يجوز للمرأة أن تتولّى الولايات العامة، وتعتبر الإمامة في الصلاة واحدة من الولايات العامة، وعليه فإنه لا يجوز للمرأة الإمامة بالرجال في الصلاة.