هل يجوز دفع الدية في القتل العمد، لقد فرض الله سبحانه وتعالى العقوبات على الذين يرتكبون المحرمات ويفعلون الجرائم ويقومون بالكبائر التي تغضبه سبحانه، ومن الأمثلة على هذه الكبائر قتل النفس التي حرمها الله عن طريق العمد وبشكل مقصود، ولذلك جاءت الشريعة الإسلامية العادلة التي حكمت بين العباد وفقًا لأوامر الله وسنة رسوله محمد صلى الله عليه وسلم، حيث فرضت عقوبة على القاتل، ألا وهو القصاص أي المعاقبة بالمثل، ولكن السؤال الذي يطرح نفسه في ظل هذا الموضوع هو هل يجوز دفع الدية في القتل العمد، كما أن هذا السؤال شعل لوائح البحث عبر الشبكة العنكبوتية في الآونة الأخيرة، إذ أن الكثير من الأشخاص لا يعزفون هل يجوز دفع الدية في القتل العمد، وهذا ما سوف نوضحه من خلال السطور أدناه.
هل يجوز دفع الدية في القتل العمد

اتفق علماء الدين الإسلامي وشيوخه على أن الدية تجوز بدل القصاص، حيث يقصد بها المال المدفوع بدل النفس التي قتلت، فحينها يطلق سراح الجاني ويدفع بدله مبلغ من المال، حيث قال الله تعالى في كتابه العزيز: ( وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأً وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا فَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِنَ اللهِ وَكَانَ اللهُ عَلِيمًا حَكِيمًا)، كما وردت الكثير من الأحاديث النبوية التي تدل على جواز دفع الدية في القتل العمد، وهي على النحو التالي:
- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “مَنْ قَتَلَ لَهُ قَتِيلٌ , فَهُوَ بِخَيْرِ النَّظَرَيْنِ : إمَّا أَنْ يَقْتُلَ , وَأَمَّا إنْ يُفْدَى”.
- روى أَبُو شُرَيْحٍ الْخُزَاعِيِّ عن رَسُولُ اللَّه عليه أفضل الصلاة والسلام، فقال: ” مَنْ أُصِيبَ بِدَم, أَوْ خُبِلَ, فَهُوَ بِالْخِيَارِ بَيْنَ إحْدَى ثَلَاثٍ، فَإِنْ أَرَادَ الرَّابِعَةَ فَخُذُوا عَلَى يَدَيْهِ: أَنْ يَقْتُلَ, أَوْ يَعْفُوَ, أَوْ يَأْخُذُ الدِّيَةَ”.
- كما قال عَلَيْهِ السَّلَامُ: “العمد قَوَد, إلَّا أَنْ يَعْفُوَ وَلِيُّ الْمَقْتُولِ “, والقَوَد هُوَ الْقِصَاصُ”.
دية القتل العمد في القرآن

ألدين الإسلامي هو الدين العفو والتسامح، فمثلًا في حالة عفو أهل المقتول أو بعضهم وإن كان أحدهم عن القصاص إذًا يجوز حينها دفع الدية، كما يجب الذكر أن القرآن لم يحدد قيمة الدية وشروطها بالتفصيل ولكن السنة النبوية وضحتها، حيث روى أَبُو دَاوُد مِنْ حَدِيثِ عَمرِو بنِ شُعَيبٍ عَن أَبِيه عَن جَدِّهِ قَال: “كانت قِيمةُ الدِّيةِ عَلَى عَهدِ رسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلّمَ ثَمانِمائة دِينارٍ أَو ثَمانِيةَ آلافِ دِرهَمٍ، قَال: فكانَ ذلكَ كذلكَ حَتَّى استُخلِفَ عُمَرُ رَحِمَه اللهُ، فقامَ خَطِيبًا فَقَال: أَلا إنَّ الإبِلَ قَد غَلَت، قَال: ففَرَضَها عُمَرُ عَلَى أَهلِ الذَّهَبِ أَلفَ دِينارٍ، وَعَلَى أَهلِ الوَرِقِ اثنَي عَشَرَ أَلفًا، وَعَلَى أَهلِ البَقَرِ مائَتَي بَقَرةٍ، وَعَلَى أَهلِ الشَّاءِ أَلفَي شاةٍ، وَعَلَى أَهلِ الحُلَلِ مِائَتَي حُلَّةٍ”، إذ أن الدية ثقيلة ومطلوبة في مال القاتل، ومقدارها حسب دار الافتاء المصرية سبعة وأربعون كيلوغرامًا من الفضة وستمائة غرام من الفضة بقيمتها يوم ثبوت الحق بالحكم.
إلى هنا نكون قد وصلنا إلى ختام هذا المقال، حيث قدمنا لكم من خلاله كافة المعلومات حول هل يجوز دفع الدية في القتل العمد، بالإضافة إلى أبرز التفاصيل المتعلقة بدية القتل العمد في القرآن.